الحدث التعليمي

أنتجت الأفرو”امريكية والمانيا وبرازيلية”..باحثون يكشفون عن قوة الثقافة الإفريقية في مواجهة العولمة

امتزاج الثقافة الإفريقية
امتزاج الثقافة الإفريقية

كشف عدد من الباحثين بقسم الأنثروبولوجيا بكلية الدراسات الإفريقية العليا بجامعة القاهرة عن أهمية الثقافة الإفريقية ، وتأثيرها على الثقافات العالمية بشكل واضح في عدد من الدول من بينها الولايات المتحدة الأمريكية والمانيا والبرازيل، وهو ما أنتج مصطلحات أصبحت متداولة ثقافية مثل الثقافة الأفرو أمريكية والأفروالمانية والأفروبرازيلية .

وهدف البحث الذي شارك فيه كل من أبو السعود محمد وشادية مصطفى ومروة عصام ورباب أبو العنين وادهم السمان ومحمود عالي وأحمد حندوقة وأحمد فتحي، إلى إبراز قيمة الثقافة الإفريقية عالمياً، وهالعمل على لوصول إلى مفهوم شامل اللقافة الإفريقية وستخدم عند الحديث عن هذه القيمة التي وصلت إليها الثقافة الإفريقية ،وكذلك إبراز مكامن القوة في الثقافة الإفريقية التي آهلتها للتأثير على الثقافات الأخرى.


كما هدف البحث الذي جاء تحت إشراف الدكتورة سحر غراب الأستاذ المساعد بكلية الدراسات الإفريقية العليا، إلى إبراز قدرة وإمكانية الثقافة الإفريقية على مواجهة الثقافات الأخرى، وعدم التعامل السلبي مع العولمة،والتأكيد على قدرة انفتاح المجتمع الإفريقي والتعامل بندية مع الآخريين، وأيضا التأكيد على ميزة التنوع الثقافي الإفريقي واتسامه بالتقارب في العادات والتقاليد،وهو ما يشجع التبادل الثقافي وقبول واحترام الآخر.
وتناول البحث مفهوم الثقافة بشكل عام ،مشيراً إلى أن مفهوم الثقافة قد عرف واستخدم العلوم الاجتماعية والانسانية بالعديد من الطرق والأساليب٫ولا يوجد تعريف موحد للثقافة حتى يومنا هـذا، ويرجع ذلك للتنوع الشديد في هذا المفهوم إلى طبيعة المفهوم ذاته،فهو يحاول أن يعرف ثقافات المجتمعات المختلفة والمتعددة.
واوضحت الدراسة مدى تأثير الثقافة الإفريقية على الغرب وقدرتها على مواجهة العولمة الثقافية،ودورها في أمريكا والمانيا والبرازيل على النحو التالي:
1- تأثيرها في أمريكا (الثقافة الأفروأمريكية)
تشير الثقافة الأمريكية الإفريقية إلى أن مساهمات الأفارقة في الثقافة العامة للولايات المتحدة الأمريكية كجزء منها أو منفصلة عنها.
وتعتبر الهوية المتميزة للثقافة الأفروامريكية متجذرة من التجربة التاريخية للشعب الإفريقي في الولايات المتحدة الأمريكية بما في ذلك "الممر الأوسط " فهي بذلك ثقافة ديناميكية ومستمرة و مؤثرة ومتأثرة بالثقافات الأخرى.
عندما وصل الأفارقة إلى أمريكا قهرا أو طوعا جلبوا معهم الكثير من أنماط العادات والتقاليد والفنون التي أعيد تشكيلها من المجتمع الأمريكي، وبذلك خلقت الثقفة الإفريية جنبا إلى جنب مع الثقفة الأمريكية وأدى اختلاط وانصهار الثقافتين لانتاج ثقافة هجين متميزة تسمى الثقافة الأفروامريكية تتمثل في العديد من الانماط مثل الدين والفنون واللغة والموسيقى، ولعل كلمات أصبحت منتشرة مثل "بامية" و"بانجو" أصبح هناك جدل حول أصلها .

وفي ندوة نظمها المجلس الأعلى للثقافة عن الثقافة الإفريقية في ١١أبريل٢٠١٧، بعنوان "الأفرو أمريكيون وعلاقتهم بالثقافة الأفريقية.. من موسيقى الجاز إلى ثقافة "هيب هوب"، قال المحاضرة السنغالي المقيم في الولايات المتحدة، الدكتور مباي بشير لو في ورقته التي قدمها عن الفنون الأفرو أمريكية :"لا يمكن الحديث عن الفنون التي قدمها الأفرو أمريكان من غير إعادتها إلى الجذور التاريخية لها ". وأضاف إن جلب ملايين الأفارقة إلى أمريكا من أجل العمل في مزارع القطن،وماترتب على ذلك من حياة كانت مليئة بالبؤس والفقر هو ما سبب هذه الثقافة ،لأنه أنتج ملامح الشقاء التي كانت السمة المميزة لحياة الأفارقة في العالم الجديد،فلم يكن الأفريقي الأسود، ساكن أمريكا يتمتع بالكتابة أو القراءة ، ولكنه تمتع بالخيال الواسع والأغاني التى تساعده على التغلب على هذه الحياة ". موضحا أن الموسيقى كانت هي لب الثقافة، وكان الأفرو أمريكان معبرون عن الثقافة الأمريكية مرة والأفريقية مرة بموسيقاهم، وهو ما أنتج المزيج الموجود الآن.
والقى الضوء على كتابات أحد الكتاب من الذي جاء من أصول أفريقية وهو توني موريسون، ما تناول في كتابات من دور الأفارقة الثقافي في تطوير الثقافة الأمريكية.
أما عن الموسيقى فأشار المحاضر السنغالي "بشير لو" إلى نوعين من الموسيقى كانا السمة الواضحة والمميزة للموسيقى التي أطلق عليها الأفرو أمريكية، وهى "الجاز" و"الهيب هوب" أو كما يقال عنه موسيقى الراب.
ويرى أن موسيقى الجاز وهي نوعا موسيقيًا مختلف عن الموسيقى الأوروبية التي عرفها الرجل الأبيض، إنما جاءت كحنين للجذور الإفريقية فأثرت وانتشرت وتداخلت مع الثقافة الأمريكية وأظهرت ما يسمى بالأفرو أمريكان.
وأوضح أن أحد أهم الأسماء البارزة في موسيقى الجاز بالولايات المتحدة الأمريكية هو مايلز ديفيز (1926 – 1991)، الذي لم يتوقف كونه رمزا موسيقيا ممثلا للأمريكيين الذين جاءوا من أصول أفريقية، إنما صار رمزا موسيقيا قومياً لأمريكا بشكل عام.
2- تأثير الثقافة الإفريقية في البرازيل (الثقافة الأفروبرازيلية )

الثقافة الإفريقية البرازيلية هي مجموعة من المظاهر الثقافية بجمهورية البرازيل التي تعرضت لبعض تأثيرات الثقافة الإفريقية منذ العصور الاستعمارية بالبرازيل حتى الوقت الحاضر .وصلت الثقافة الإفريقية إلى معظم البرازيل ، بسبب انتشار تجارة الرقيق واستعباد الأفارقة عبر المحيط الأطلسي.
وأوضحت الباحثة إيمان عبد التواب زكي في بحث لها عن تأثير الثقافة الإفريقية في ولاية ساو باولو بالبرازيل،أن الثقافة الإفريقية تأثرت أيضا ببعض الثقافات الأوروبية وخاصة البرتغالية التي تعد الثقافة الأصلية التي احتلت البرازيل ثم اندمجت الثقافتان مشكلة الثقافة التي يطلق عليها الثقافة الأفروبرازيلية ، ولكننا نستطيع أن نلاحظ بوضوح وجود الكثير من التأثيرات الثقافية القوية ذات الأصول الإفريقية في العديد من جوانب الثقافة البرازيلية موجودة إلى يومنا هذا مثل الموسيقى الشعبية والدين والمطبخ والفلكلور والاحتفالات الشعبية بالكثير من المدن
الولايات ومنها ولاية ساو باولو ،ومارنهاو ، وبيرنمبوكو، وألاغواس.
وفي عام ٢٠٠٣ ، صدر قرار بتعديل القانون رقم ١٠٦٣٩بوضع الإرشادات والقواعد التعليمية الخاصة بالتعليم الابتدائي والثانوي بالمدارس البرازيلية أن تلتزم بمناهج دراسية للتاريخ والثقافة الإفريقية البرازيلية .
وقد عكف الكثير من علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا والموسيقى واللغويات على دراسة الثقافة الأفروبرازيلية وتتبع التطور التاريخي لتلك الثقافة.

3- تأثير الثقافة الإفريقية على ألمانيا ( الأفروالمانية)

وإذا استثنينا الحضارة الفرعونية وتأثر الألمان بها في تخصيص أقسام لتدريسها في جامعاتهم وبناء أهرامات زجاجية مماثلة لأهرامات الجيزة في برلين، وأيضا تأثر الفرنسيون وبناء هرم زجاجي أيضا في مدخل متحف اللوفر، فإن
موريجان روبي يقول في كتابه
In Europa werden Schwarze nicht als Menschen angesehen.
في أوروبا ، لا يُنظر أحد إلى السود أنهم بشر،إن كتاب الشاعرة كاثارينا أوغونتوي الذي حمل عنوان afrodeutsche Geschichte،هو الذي أسس حركة الأفرو-ألمانية.لأول مرة ، حيث احتك السود الأفارقة في ألمانيا ببعضهم البعض فأصبحوا مسيسين يؤدون دورا سياسيا وثقافيا في المجتمع الألماني .
وكانت أوغونتوي أحد مؤسسي مبادرة السود في ألمانيا،ومجموعة النساء الأفروألمانيات .الآن نجد في ألمانيا عشرات الجمعيات التى تساهم بشكل واضح في المجتمع الإفريقي والتى شاهدناها خلال رحلاتنا لألمانيا، مثل جمعية الشبكة الإفريقية الالمانية ببريمن والتي تمثلها الناشطة فيرجينيا كمشا والحاصلة على جائزة التنوع الثقافي بمقاطعة بريمن لعام ٢٠١٩، لما تقوم به من نشاطات ثقافية تظهر الثقافةالإفريقية من موسيقى وأغاني ومطبخ وغيرها.

وتوصل البحث لضرورة تحديد مصطلح للثقافة الإفريقية أو الثقافات الإفريقية ووضع تعريفا لها شامل وواضح يمكن الاستعانة به في دوائر المعارف والعلمية والمؤسسات الدولية والإقليمية الإفريقية،خاصة بعد تأثيرها بهذا الشكل في الثقافات الأخرى .
ووضع الباحثون تعريفا إجرائيا للثقافة الإفريقية نص على أن الثقافة الإفريقية هي مجموعة متنوعة ومنتشرة من العادات والتقاليد والمعتقدات والأفكار للإنسان الإفريقي،التي فرضتها عليه بيئته التي يعيش فيها ،وتظهر في سلوكه سواء الشخصي أو الجماعي،بشكل معنوي"لا مادي" أو مادي،وهي الثقافة التي ظهر تأثيرها في العديد من الدول الغربية، حتى أنها ارتبطت بثقافات أخرى مثل الأفرو أمريكية والأفروبرزيلية والأفرو ألمانية".