كيف ترى واقع التاريخ من عيون السينما بشكل مختلف؟

نشر الباحث الاقتصادي أحمد برهم تقريرا علي صفحته علي موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عن الواقع الاقتصادي المصري من أفلان السينما وإليكم نص التقرير:

من الحاجات المهمه عشان تعرف حقيقه وطبيعة الحياه فى فتره زمنيه معينه ، انك تقرأ الادب ، وتشوف الفن بتاع الفتره دى ، غالبا ده بيديك صوره اقرب للواقع شويه من كتب التاريخ ، وطبعا لازم تشغل مخك عشان الحاجات دى برضه بتخفض لضغوط سياسيه و اهواء وايدولوجيات ، لازم تفكر وتفرز

مثلا فتره ما قبل ثورة 1952م

لو سيبتك من الكلام اللى بتردده قطعان السوشيال ميديا ، فانا بدعوك تقرا الروايات اللى كتبت فى الفتره دى من ادباء معتبرين ، زى نجيب محفوظ مثلا (بلاش اقولك يوسف السباعى باعتباره ضابط وكان له رؤيه مختلفه مع النظام وقتها بالتالى ممكن تتهمه بالتحيز ) ، اهو نجيب محفوظ كان له روايات فى الفتره دى (الاربعينات) تقدر تستشف منها حقائق كثيره زى القاهره الجديده (اللى اتعملت فيلم القاهره 30 الشهير) و خان الخليلى و زقاق المدق والسراب و بداية ونهاية

كلهم كانوا فى الاربعينات ، بالتالى تقدر ترصد حياه الناس بشكل واقعى بعيد عن اى مبالغات

هتشوف مين الطبقات الغنيه ، مين الفقرا ، هل الموظف كان عايش حياه كريمه ، هل المتعلم كان عايش افضل من الحرفى او المهنى ؟ وهكذا

برضه الافلام

شوف مثلا افلام نجيب الريحانى ، دائما كان بيقدم دور موظف ، يعنى حاصل على قدر ما من التعليم ، ورغم كده شوف فى كل فيلم من افلامه

فيلم لعبة الست مثلا ، كان شغال فى وكالة تجاريه كبيره ملك (الخواجه ايزاك) وكان عايش على الكفاف ، واساسا اشتغل بصعوبه بالغه لان اغلب الوظائف محجوزه لاصحاب الوساطات (حتى فى القطاع الخاص فما بالك بالحكومه ؟!!)

فيلم زى احمر شفايف ، كان موظف محترم فى شركه بفضل نسيبه (واسطه برضه) ولما اختلف مع مراته ، اتشرد حرفيا ؟!!! امال فين المعاشات وغيره ؟

فيلم سلامه فى خير ، هتلاقيه برضه شغال فى محل بتاع (الخواجه) ، ولما راح الفندق عشان يبات ليله ويعين الفلوس فيه كامانه ، عاملوه باحتقار لانه ببساطه (مصرى) ، لو لاحظت ان موظف الريسبشن مكنش راضى يبص ناحيته اصلا وهو بيكلمه ، بالتالى هو منفضلوش عشان مظهره ، وانما عشان (لهجته) ، هو اساسا مشفش مظهره واللى كان بشكل عام مقبول جدا لانه كان لابس بدله اليونيفورم و فوقيه بالطو اسود ، هنا هتفهم ببساطه ان فيه تمييز ضد المصريين لصالح الاجانب ، وهتلاحظ برضه ان اغلب الاثرياء الللى فى الفندق ، هم اجانب ، اتراك ، شركس ، غربيين ، وغيره ، امال فين المصريين ؟ المصريين بقى كانوا زى سلامه ، اللى بيته نط عليه الحراميه ، عشان يسرقوا (حلل النحاس) ، وكانوا بيخطفوا (الشنط من الستات فى الشارع) زى ما بيحصل دلوقت ، وبيتم تصوير الامر على انه امر (مستحدث) لكن مشهد بسيط فى فيلم من الاربعينات بيوضح غير كده تماما.

فيلم سى عمر ، هتلاقيه كان شغال فى عزبة يملكها اقطاعى يعود لاصول تركيه اسمه عمر الالفى ، والكل حواليه (لصوص) وطردوه لانه شريف ، (يعنى مجتمع فاسد تماما) ، وهتلاقى انتشار الجريمه من خلال اللصين اللى اجبروه يشتغل معاهم ، وهتشوف مشاهد من الفقر المنتشر والفساد العام ، اللى وصل لعمه ، اللى المفروض انه ضابط كبير سابق ، الا انه برضه فاسد وحرامى !!!

فيلم ابو حلموس ، نفس القصه ، موظف غلبان شغال فى محل فرارجى جاهل جلياط لكنه غنى (عادة هتلاقى الموظف فقير عكس الحرفيين الاكثر تيسرا كما هو الحال اليوم بالضبط) ، ولما ربنا فتح عليه ، اشتغل فى دائرة (الازمرلى باشا ) اللى هو واضح من الاسم ، انه من عائله تركيه اجنبيه ايضا ، (زى اغلب الاغنياء ) ، وكيف ان الوقف وموظفيه ، مجموعه من اللصوص الفاسدين وغيره وغيره ، اضاف للنفاق المجتمعى المعروف

فيلم غزل البنات اخر افلامه ، استاذ حمام شغال مدرس ، ومش لاقى ياكل برضه ، بينما مدرب الكلب مثلا بيقبض 10 اضعاف ماهيته ، ولابس انضف منه ميت مره، اذن فذلك العصر كان الموظف مش لاقى ياكل ، وكان فيه طبقات سفيهه ، ومفيش احترام لا للعلم ولا للعلماء كما يحاول البعض يصورلك.

طبعا ممكن نقول طب ما هو فيه افلام اتعملت بتقول ان الواقع المصرى سيء وانا قلت انها كانت افلام لماجورين ، ليه منقولش نفس الكلام عن نجيب الريحانى ؟

الفرق المهول طبعا ، ان الماجورين دول ، بعضهم مثلا هرب بره مصر لانه عارف انه عمل جرائم مقصوده ، بينما نجيب الريحانى عاش ومات ، محدش فكر لحظه انه يقول عليه كذاب او خائن ، بينما لو راجعنا الارشيف ، هتلاقى ناس كتير هاجمت الافلام اياها وقت عرضها ، لانها كانت بتشوه الواقع و تضخم المشكلات والسلبيات وتتجاهل اى ايجابيات وبشكل مرتب ومقصود ومتزامن ، لو راجعت الجرائد وقتها ، هتلاقى كتير من النقاد هاجم التوجه الشاذ ده وقتها ، وشاف انها سينما تستهدف الغرائز المنحطه تحت اسم (الواقع ) والواقع منها براء.

اذن لما تقرا ان حصل (تأميم) تفهم ان الاقتصاد كان فعلا فى ايد الاجانب ، وكانت الدوله بتميز لصالحهم ، ده كان الواقع وقتها ، الافلام قدامك مش بتكدب فى رصد الواقع ده ، فى وقت محدش كان عارف ان فيه ثوره هتحصل ، ولما تسمع واحد بيقولك الموظفين زمان كانوا بيعيشوا كويس بالرواتب عكس دلوقت اللى الاحوال انعكست والحرفى بقى عايش احسن ، تعرف انه بيقول اى كلام ، لان الواقع عكس كده بالضبط فى تلك الايام.

لما تسمع واحد بيقول ، ان دلوقت فساد ، وزمان كانت الناس نضيفه ، تعرف انه كذاب او جاهل ، زى منت شايف الواسطه والفساد كانوا جزء اساسى فى مكونات تلك الفتره.

وفي سياق اخر قال العقيد أ ح. غريب عبد الحافظ غريب، المتحدث العسكري الرسمي للقوات المسلحة) أقلعت طائرة نقل عسكرية من قاعدة شرق القاهرة الجوية متجهة إلى مطار جوبا الدولى بجمهورية جنوب السودان محملة بكميات كبيرة من المساعدات الطبية والإنسانية ، وذلك بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر المصرى للمساهمة فى تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين فى جنوب السودان .

وأكد بيان المتحدث العسكري الرسمي للقوات المسلحة المصرية، أن تلك المساعدات تأتى تأكيداً على عمق الروابط والعلاقات التاريخية التى تجمع مصر وجنوب السودان وإنطلاقاً من دور مصر الرائد تجاه دول القارة الأفريقية فى أوقات المحن والأزمات .