الحدث المحلي

شجون حسن تكتب ” بين أجنحة الكون ”

الكاتبه شجون حسن
الكاتبه شجون حسن

مضي الليل إلا قليلاً والظلام مخيم علي الكون بأكمله، والكواكب مستترة بأردية السحب، والفضاء بحر خضم مترامي الأطراف إلا أنه ساكن مطمئن الصفحة، والغيوث منهلة متواصلة لا تضطرب خيوطها ولا تختلف نغماتها كشباك ممتدة تشدو بين السماء والأرض.

وبيت النجار جاسر بين البيوت المتراكمه كسراب اشتدت بيه الريح في مكان سحيق، لا يري فيه الداخل غير مصباح صغير يجاهد لتمزيق قطع الظلام المتكاثفة ،يري الناظر علي ضوء المصباح شبكات العنكبوت كأنها أشباح فإذا دار الواقف بنظره رأي رداءً مبسوطاً علي الأرض يحتضن أربعة أطفال متلاصقة متلاحمه كالأفراح في أعشاشها في فصل الشتاء.

وزوجة صالحة علي مقربة من فراشه تصلي وتمتم بصوت خافت وتبتهل إلي الله أن يحفظ أبناءها وأن يرزقهم الله من خزائنه التي لا تنضب ولا تجف.وظلت تررد ربي أنا ضعيفة ومسكينة وهؤلاء الأطفال عاجزون لا يستطيعون أن يقوتوا أنفسهم فاحفظهم لي وكانت هذه الأم الطيبه تغزل الصوف وبعض المشغولات اليدوية وتذهب إلي السوق لبيعه كي تساعد رفيق دربها.

وخرج زوجها مبكرا للغابة بين الأشجار كي يقطع بعض الواح الخشب، كان يصنع من تلك الرقائق الخشبية زوارق الصيادين ويساعدهم في حملها كي يقتاتوا قوت يومهم في هذا البحر الخضم المتلاطم الأمواج وفي يوم من الأيام رأي مشهدا تغشاه العيون وعلي شاطئ البحر زوارق منقلبة لم يري الصيادين إلا بقاياها المتناثرة في كل أرجاء المكان، ريح عاتية بدلت سعادتهم لشقاء في لحظات.

واستسلم الجميع لإرادة الله وبدأ النجار بصنع زوارق جديدة ومضي في عمله حتي عم الظلام وتبدلت الارض عيونا، فرجع إلي زوجته وأطفاله الصغار محتميا بلباس هش نالت منه الحياة أيام واعوام وفي الطريق كان علي موعد مع القدر رجل طاعن السن أوقفه في الطريق.

إلي أين أنت ذاهب يا بني؟

إلي المنزل أما تري ملابسي ووجهي الذي أنهكه عناء اليوم ومساكسات الطبيعة.

نعم أري يا بني

ولكن قولي من انت ؟

أنا عملك وإجتهادك يا بني خذ مني

ما هذا؟

وفتحت النجار صرة فإذا بها جوهرة سمينة ستقلب حياته رأسا علي عقب وطار الزوج الصبور المطافح إلي زوجته يا أم علي قد أكرمني الله بهذا في الطريق، إنها حقا دعوة زوجة صالحة.