الحرب العالمية الثالثة جذور تاريخية للمعركة بين روسيا وأوكرانيا


مع اشتعال الحرب العالمية الثالثة، وبدء روسيا اجتياح أوكرانيا، صباح اليوم الخميس، من المهم تفهم العلاقات التاريخية بين الجارتين، وسلسلة الأزمات المشتعلة بين الجانبين منذ قرون، فما حرب اليوم إلا امتداد لأزمات الأمس.
بداية الصراع الروسي الأوكراني
الاضطرابات الحالية بين روسيا وأوكرانيا يسبقها تاريخ يعود إلى العصور الوسطى، وتشترك الدولتان في جذور الدولة السلافية الشرقية المسماة "كييف روس"، لذلك، دائما ما يتحدث الرئيس الروسي بوتين عن «شعب واحد»، لكن الدولتان تمتلكان لغتان وثقافتان مختلفتان رغم قرابتهما، فبينما تطورت روسيا سياسياً إلىلإ إمبراطورية، لم تنجح أوكرانيا في بناء دولتها على نسق حديث.
الأمبراطورية الروسية تضم أوكرانيا
ضمت الأمبراطورية الروسية أجزاء واسعة من أراضي أوكرانيا خلال القرن السابع عشر، وعقب سقوط الإمبراطورية الروسية عام 1917، أوكرانيا استقلت لفترة وجيزة، قبل أن تقوم روسيا الشيوعية باحتلالها عسكرياً مجدداً، واستمر الوضع حتى سقوط الاتحاد السوفيتي في ديسمبر عام 1991، حيث لعبت أوكرانيا دورًا حيويًا في إسقاطه، إلا أن روسيا استطاعت الاحتفاظ بنفوذها في أوكرانيا عن طريق تأسيس رابطة الدول المستقرة "جي .يو .إس"، إلا أن أوكرانيا ظلت طواقة للتعاون مع الكتلة الغربية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما أقلق الجانب الروسي من نفوذه وسيطرته على الأوضاع الأوكرانية.
وذكرت وكالة دوتش فيلة الألمانية، أن حقبة التسعينيات مرت بدون حدوث تغيير جذري في الأوضاع بسبب انشغال روسيا في الحرب الشيشانية حينها بالإضافة إلى عدم رغبة الغرب في دمج أوكرانيا.
تجدد الصراع الروسي الأوكراني
وفي تطور جديد اعترفت موسكو في عام 1997، بالحدود الأوكرانية من خلال ما يسمى بـ"العقد الكبير" بما فيها شبه جزيرة القرم، التي تقطنها غالبية ناطقة بالروسية
عندما انهار الاتحاد السوفييتي مطلع التسعينيات، كانت أوكرانيا، الجمهورية السوفيتية السابقة، تمتلك ثالث أكبر ترسانة أسلحة نووية في العالم.
وعملت الولايات المتحدة وروسيا على نزع الأسلحة النووية الأوكرانية، وتخلّت كييف عن مئات الرؤوس النووية إلى روسيا، مقابل ضمانات أمنية لحمايتها من هجوم روسي محتمل.
أزمة دبلوماسية مطلع الألفينيات
وكانت أول أزمة دبلوماسية كبيرة في عهد فلاديمير بوتين، ففي خريف عام 2003 ، بنت روسيا بشكل مفاجئ في بناء سد في مضيق كريتش باتجاه جزيرة «كوسا توسلا» الأوكرانية
واعتبرت كييف ذلك محاولة أولية لإعادة ترسيم حدود جديدة بين البلدين، وازدادت التوترات ولم يتم وضع حد له إلا بعد لقاء ثنائي بين الرئيسين الروسي والأوكراني. عقب ذلك أوقف بناء السد، لكن الصداقة المعلنة بين البلدين بدأت في التصدع
خلال الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا عام 2004، أيدت روسيا بشكل كبير المرشح المقرب منها، فيكتور يانوكوفيتش، إلا أن «الثورة البرتقالية» حالت دون فوزه المبني على التزوير، وفاز بدلاً منه السياسي القريب من الغرب، فيكتور يوشتشينكو
وفي خطوة استفزازية قطعت روسيا الغاز عن أوكرانيا مرتين خلال فترة رئاسة يوشتشينكو، ما بين عامي 2006 و2009، كما قُطعت أيضاً إمدادات الغاز إلى أوروبا المارة عبر أوكرانيا
وجاء أول محاولة لإدماج أوكرانيا في المعسكر الغربي، عام 2008، على يد الرئيس الأمريكي جورج بوش الأبن، إلا أن بوتين اعترض بشدة، وكد رفض روسيا التام لاستقلال أوكرانيا عن النفوذ الروسي، ولأن مسألة الانضمام للناتو لم تنجح بسرعة، حاولت أوكرانيا الارتباط بالغرب من خلال اتفاقية تعاون مع الاتحاد الأوروبي.
وفي محاولة جديدة للتضيق على أوكرانيا من جديد، مارست موسكو ضغوطاً اقتصادية هائلة على كييف عام 2013 وضيّقت على الواردات إلى أوكرانيا، وعلى خلفية ذلك، جمّدت حكومة الرئيس الأسبق يانوكوفيتش، الذي فاز بالانتخابات عام 2010، وانطلقت بسبب ذلك احتجاجات معارضة للقرار، أدت لفراره إلى روسيا في فبراير عام 2014.
استغلت موسكو فراغ السلطة في كييف لضم القرم في مارس عام 2014، ليشكل هذا التحرك علامة فارقة في الصراع الروسي الأوكراني.
وفي الوقت نفسه، بدأت قوات روسية شبه عسكرية في حشد منطقة الدونباس الغنية بالفحم شرقي أوكرانيا من أجل انتفاضة، أما الحكومة في كييف، فقد انتظرت حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية في مايو 2014، لتطلق عملية عسكرية كبرى أسمتها «حرب على الإرهاب
وكان في قدرة الجيش الأوكراني دحر الانفصاليين، إلا أنه في نهاية أغسطس، تدخلت روسيا- بحسب الرواية الأوكرانية- بشكل هائل عسكرياً، لكن موسكو تنكر ذلك حتى الآن.
الفصل الأخير قبل اندلاع الحرب
واستمر نزاع وتوتر على الحدود الأوكرانية تخلله عقد عدد من المعاهدات بين الطرفين لمحاولة تلاشي الحرب، أهمها «مينسك 2»، وهى اتفاقية تشكل إلى اليوم أساس محاولات إحلال السلام، وما تزال بنودها لم تنفذ بالكامل بعد، حتى تعالت وتيرة التصريحات والحشد من الجانب الروسي بداية من نوفمبر الماضي 2021، وحذرت الولايات المتحدة الأمريكية من اجتياح روسي للأراضي الأوكرانية، بالتوازي مع الحشد العسكري الروسي، صرح الرئيس الروسي بدعمه واعترافه بضم الجمهوريتين الانفصاليتين في إقليم دونباس.
في القرن السابع عشر، أصبحت مساحة شاسعة من أوكرانيا الحالية جزءاً من الإمبراطورية الروسية، لكن وبعد سقوط الإمبراطورية الروسية عام 1917، استقلت أوكرانيا لفترة وجيزة، قبل أن تقوم روسيا السوفيتية باحتلالها عسكرياً مجدداً.
اندلاع الحرب العالمية الثالثة
شنت القوات الروسيا هجوم واسع النطاق على أوكرانيا، فجر اليوم الخميس، فيما وصفه المحللون بأنه "الحرب العالمية الثالثة"، في ظل توقعات بتدخل قوي من حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدء عملية عسكرية خاصة تحت مزاعم حماية إقليم دونباس الانفصالي، لتتطاير الأنباء عبر وسائل الإعلام الأوكرانية عن سماع انفجارات ضخمة في العاصمة كييف وكراماتورسك (شرق) وخاركوف (شمال شرق) وأوديسا (جنوب) وبيرديانسك (جنوب شرق)، وأيضًا في مطار بوريسبيل الدولي في كييف، وكانت البداية بسماع دوي 6 انفجارات ضخمة في مدينة خاركيف الأوكراني.