رأي الحدث

سامح محجوب يكتب .. الميكافيلية الرياضية

سامح ممجوب
سامح ممجوب

تظل الضغوط النفسية من أكثر الأشياء المرعبه التي تواجه اللاعبين بشكل عام في جميع الرياضات ومن يستطيع التغلب عليها يصل لمنصات التتويج فكل الاعيبين بوجه عام يواجهون ضغوطات نفسية وذهنية كثيرة في عالم الرياضة والشهرة والنجوميه من انتقادات جمهور فريقه أومضايقات جمهور الخصوم اومن لاعبي المنافس على ارضيه الميدان وايضا مضايقات الصحافة والإعلام لمعرفه اسراره او شكل حياته الأسرية بالإضافة الى الانتقاد اللذع.
وظهر مؤخرا وبالأخص في كرة القدم كيفية التغلب على حارس المرمى أثناء تنفيذ ركلات الجزاء وما شاهدناه مؤخرا في كأس العالم قطر٢٠٢٢ ، وأخص بالذكر الحارس الأرجنتيني ايمليانو مارتينيز وما فعله أثناء ضربات الجزاء من محاولة تشتيت ذهن لاعبي المنتخب الفرنسي، فيجيب علينا الباحث النرويجي "غير جورديت" الباحث في علم النفس الرياضي عن هذا....
أولا: فأثناء القرعه ذهب مارتينيز لمنطقه الجزاء في انتظار لوريس الحارس الفرنسي كما لو كان يرحب بزائر في منزله.
ثانيا :ذهب للسلام على مبابي قبل تسديد الكرة،ويحث الحكم على التأكد من وضع الكرة في المكان الصحيح والحكم يشير بإبهامه ان كل شئ صحيح
ثالثاً :مع كومان يضغط مارتينيز اكثر قليلاً مما يجبر الحكم على التدخل بأدب، ويطلب من الحكم التأكد من وضع الكرة في المكان الصحيح وأيضاً يشير الحكم بإبهامه ان كل شيء صحيح وهنا يتأكد انه يسيطر على منطقة الجزاء
رابعاً :بعد صد ركلة الجزاء نادراً ما يحتفل حراس المرمى بهذا لكن ما فعله مارتينيز استثناء، فتشير الأبحاث ان هذا يدل على الثقة وبث الطمأنينة في نفوس زملائه، وبث الخوف في خصومه
خامسا :في الركلة التالية حتى يأتي تشواميني الى منطقة الجزاء اخذ الكرة وطلب من الجمهور الأرجنتيني إحداث ضوضاء
سادسا :وبدلا من تسليم الكرة لتشاواميني قام بإلقاء الكرة بعيدا حتى يجبر الخصم على احضارها، وعندما كان تشواميني جاهزا للتسديد ابتسم في وجهه ابتسامة متعجرفه
سابعا :أثناء ركلة الجزاء الثالثة للأرجنتين استبق واخذ الكرة وسلمها لزميله باريدس حتى يقطع الطريق على لوريس لتقليده في حركته الأخيرة
ثامنا :قبل تسديد ركلة الجزاء الرابعة لفرنسا ذهب الى الاعب وهو يقول له لقد شاهدتك وهنا يشهر الحكم البطاقه الصفراء له ولكن كان فات الأوان
واستطاع مارتينيز ان يصعد بمنتخب بلاده الى نصف النهائي بضربات الجزاء امام هولندا وقام بنفس حيله أثناء ركلات الترجيح،ولا ننسى ايضا ما فعله في نصف نهائي كوبا امريكا امام كولومبيا عندما تصدى لـ3 ركلات من 5 وجملته الشهيرة لكل لاعب من كولومبيا : "سأكلك يا أخي، سألتهمكم يا أوغاد" ، فهو يعتمد على النظريه الميكافيليه في كرة القدم "الغاية تبرر الوسيلة" حيث يقوم بالألعاب الذهنية ضد منافسيه وبطريقة مبتكرة في كل مرة مما اجبر المنافسين على تقليده وانتظار الجمهور للجديد من حيله.
ولعل اشهر من يقوم بنفس حيل مارتينيز في الدوري المصري حارس فيوتشر الحالي والزمالك السابق "محمود عبد الرحيم جنش" والذي صرح سابقا في أحد البرامج الرياضية بقوله: "انا بطلع الاعب على المسرح قبل التسديد" ومعنى هذا الكلام أنه يقوم بالألعاب الذهنية ضد خصمه لتشتيت تركيزه قبل تسديد ركلة الجزاء.
استطاع الباحثين النفسيين ابتكار طرق للتغلب على العاب تشتيت الذهن والتي يقوم بها حراس المرمى واللاعبين والجمهور أثناء ركلات الجزاء، بأن يحمل أحد اللاعبين الكرة على أنه المسدد لركلة الجزاء وإبعاد المسدد الحقيقي عن مرحله الشد والجذب وتشتيت الذهن التي يقوم بها حارس المرمى ولاعبي الخصم ،وفي وقت تنفيذ الركلة يأتي المسدد الحقيقي لتسديد ركلة الجزاء.
وهذا لايدعنا ان نغفل عن الاعبين الكبار الذين يتسمون بالهدوء وبالثقه بالنفس، وتحمل الضغوط النفسية الكبيرة مثل اللاعبين الذين يسددون ركلة الجزاء على طريقة بانينكا، اوالاعبين الذين يسددون الركلات الحرة المباشرة في توقيتات قاتله ويستطيعون تحويلها إلى أهداف، والاعبين الذين يحملون الكرة والمرور من الخصوم لإحداث تمريره قاتله تتحول لهدف او الاعيبين الذين يستطيعوا اكتشاف ورؤية الملعب بشكل جيد لتمرير الكرة لزملائه لصناعة فرصه هدف،فهذه من سمات الاعب الكبير الذي تدفع فيه الأندية مبالغ طائله، ويوجد أيضا لاعبين يتأثرون بالعامل النفسي ولو بدرجة اقل على الرغم من أنهم لاعبين على درجة كبيرة من الاحترافية مثل ما حدث مع هاري كين أمام المنتخب الفرنسي في دور الثمانية فاستطاع أن يسجل ركلة الجزاء الأولى بكل ثقة ،ولكن اطاح بأحلام الشعب الإنجليزي في ركلة الجزاء الثانية في آخر المباراة بإضاعة ركلة الجزاء وهذا لا يمنع من كونه لاعب كبير، والعكس صحيح مثل ما حدث مع كيليان مبابي بتسجيله ثلاث ضربات جزاء في نهائي كأس العالم وامام حارس مستفز مثل ايمليانو مارتينيز.
يعد الجمهور ايضا أحد عوامل التشتيت والضغوط النفسيه الكبيرة التى يتعرض لها لاعبي الخصوم سواء بإحداث الضوضاء والصخب الكبير او بالأصوات الاستنكارية او بالتشجيع القوي والمستمر لفريقه وهو ما يرعب بعض الخصوم، بالإضافة لبعض الأدوات الأخرى مثل استخدام الليزر والشماريخ.
كل هذه العوامل تكون اضعاف مضاعفة في الألعاب الفرديه أثناء النزال ضد الخصوم ويكون دور المدرب والإخصائي النفسي كبير جدا للتغلب على الألعاب الذهنية والضغوط النفسية التى قد تصل ان لايستطيع الاعب المنافسة او ان يتعرض للإصابات من جراء هذه الضغوطات.
والدليل الكبيرعلى هذا محلياً وأنك تستطيع أن تهزم منافسك نفسيا قبل أن تهزمه رياضيا وقد تكون في أسوأ أحوالك وتفوز وتستمر انتصاراتك لفترة طويلة مثل ما حدث بفوز النادي الأهلي على نادي الزمالك لفترة كبيرة من الزمن حتى قام نادي الزمالك بتغيير جميع لاعبيه الذين حضروا هذه الهزائم لفترة طويلة وبالفعل استطاع نادي الزمالك أن يفوز على النادي الأهلي لأول مرة عام 2015 منذ آخر فوز لنادي الزمالك عام 2007، ومثال آخر لهذا وهو فوز نادي الزمالك الدائم على النادي الأهلي في كرة اليد حتى في أسوأ أحواله وعلى الرغم من قيام النادي الأهلي بتغيير العديد من اللاعبين والعديد من المديرين الفنيين لتخطي هذه العقدة النفسية.
لا شك أن علم النفس أصبح جزء لا يتجزأ من الرياضة وأصبحت الأندية تتعاقد مع أخصائيين نفسيين و أطباء نفسيين للتغلب على الضغوطات النفسية والألعاب الذهنية والتشتيتات الكبيرة والكثيرة التي يتعرض لها اللاعبون في جميع الرياضات والوصول لمنصات التتويج،وهذا قدر الاعبين الكبار الذين يستطيعون التغلب على هذه الضغوط وتقوم الأندية والرعاة بدفع أموال طائلة لهم بالإضافة لمهاراتهم لأن لاعب لا يستطيع التغلب على هذه الضغوطات لن يستطيع إكمال مشواره الرياضي او التألق في مستويات محترفه كبيره لفترة طويلة من الزمن.