أبو السعود محمد يكتب ..فقه الحياة في ألمانيا وتدميرها في مصر
حكت لي إحدى الفتيات في ألمانيا كيف يكون التعاون بينها وبين زوجها.
لم تكن قاصدة أن تحكي غير أني طلبت منها فنجانا من القهوة قبل ١٠ دقائق من وقت إغلاقها محلها على ناصية شارع يأتي المارة إليه للحصول على بعض المشروبات السريعة مع الكيك .
أنا لا أحب القهوة،فكان هدفي الحقيقي هو الحديث معها في أي شيء رغبة مني في ممارسة اللغة الألمانية أكبر وقت ممكن.
لم تكن الفتاة ألمانية لكنها كانت بولندية جاءت مع والدها ووالدتها إلى ألمانيا .
عندما طلبت القهوة ، استعجلتني في الانتهاء منها، فسألتها عن سبب استعجالها، فقالت لي إن زوجها ينتظرها لشراء مستلزمات وجبة العشاء، فعاودت أسألها: من يقوم بتجهيز الوجبة، طالما تشترون متطلباتها معا؟ فقالت كل شخص يعرف دوره فنبدو وكأننا نفعل كل شيء سويا، فالزواج شركة حتى إننا ندفع ثمن الأشياء بالتساوي لكنه قد يعزمني مرة في وقت ما نهاية الأسبوع ، وأعزمه أنا عندما أحب ذلك..نسكن في شقة استوديو بالإيجار،فلسنا في حاجة لشقة تمليك، وأحيانا نوفر مبلغا في وقت ما،لنقضي وقتا ممتعا في رحلة داخل أو خارج ألمانيا.
الفكرة بكل بساطة أننا ننظر للزواج على أنه شراكة يساعد بعضنا بعضا في الحياة...كنت أقوم بكل هذه الأعمال بمفردي ، واليوم أقوم بنصفها فقط تقريبا، بالتراضي بيننا ، يقوم بها شخصان بدلا من شخص واحد .
الحياة أصبحت أسهل وأسرع وأمتع مع شريك لي..هو يتقبلني كما أنا، وأنا اتقبله كما هو.
في بلاد الغرب وصلوا لفقه الحياة التي تعني التعاون بكل بساطة، فقه الحياة التي تعني المودة والرحمة، لكن في بلادنا مازلنا نتساءل عن الرضاعة وعن القوامة وعن أحقية الضرب.
لا أستطيع أن أطلق على الفتاوى أو الآراء التي يطلقها البعض في مجتمعاتنا إلا فقه التدمير، تدمير المجتمع وفساد العلاقات وتشتت الأفكار.
في قريتنا تدعو السيدات للمتزوجين دعوة لم أفهمها إلا مؤخراً تقول " ربنا يهدّي سركم " ،إذاً العلاقة الزوجية سر بين اثنين.
علاقة قائمة على أن يسعد كل شخص الآخر،يتعامل معه بالمودة والرحمة.. يثق فيه ويتقبله بكل ما فيه من عيوب ومميزات ويعيش معه لا يصارعه ولا يحاصره من أجل أن يثبت أنه الأفضل أو الأقوى .
في بلاد الغرب يعرفون سر الحياة ، وفي أريافنا يعرفون سر الزواج ،أما الذين يظهرون على شاشات التليفزيونات وعلى أوراق الصحف وواجهات المواقع الإلكترونية فلا يملكون إلا فتاوى تدمير المجتمع من أجل الظهور.
