رأي الحدث

الدكتورة الزهراء أحمد تكتب..هو ابني مش هيكبر بقى؟

د. الزهراء أحمد أحمد الموافي
د. الزهراء أحمد أحمد الموافي

كثيراً ما أتعاطف مع الأمهات وأشفق عليهن من ضغوطات المسؤوليات، ولكنني في نفس الوقت أتمني بشدة لو أصل لكل واحدة منهن وأسمع منها شكواها وأعطيها مجالاً لسرد معاناتها، فالحكايات ليست مكررة والمشكلات ليست متشابهة، لكل واحدة منهن ظروف مختلفة وأولويات متفاوتة وسبل للحلول ليست متماثلة..
احكي لي كيف يكون يومك مع أولادك، ما الذي تمرين به منذ تفتحين عينيكي صباحاً وحتى تغمضيها مرةً أخرى ليلاً، والأهم من كل تفاصيل أحداث اليوم الدقيقة، احكي لي أكثرعن شعورك تجاه كل لقطة تعيشينها فيه، وبالأخص كيف تتعاملين مع أولادك خلالها، قبل أن نفهم مشكلات أطفالك، ونطرح سوياً حلولاً تنساب كل واحد منهم..
تأكدي أنه مهما كان عمر طفلك، فإن كل ما تشعرين به يصل إليه، وكل تصرفاتك وردود أفعالك تنطبع في أعماق إدراكه، بل وتأثر حتماً على تفكيره اليوم ومن ثم تكوين شخصيته غداً.. فمنذ اللحظات الأولى من خلق الجنين داخل رحمك، وحتى الأيام الأولى من حياة رضيعك داخل حضنك، مروراً بخروج طفلك من رعايتك المطلقة إلى العالم الخارجي، وحتى بلوغه سن الرشد وتحمله مسؤولياته الخاصة، فإنك تلعبين دوراً أساسياً فيما سيكون عليه جسد وعقل أولادك في كل ما هو آتٍ من عمرهم..
خلق الله سبحانه وتعالى بصمةً خاصةً بك في خلايا المايكروبايوتا أو البكتيريا الصديقة التي تعيش بداخلك وتنتقل في دورتك الدموية إلى طفلك من خلال الحبل السري الذي يصله بك أثناء الحمل، وبعد الولادة من خلال لبن صدرك الذي يرضعه منك طبيعياً، وتحتوي هذه البصمة على مخزون من الإشارات للخلايا المناعية التي تحمي طفلك من مختلف الأمراض المعدية وتلعب دوراً هاماً في الوقاية من الأمراض المزمنة..
اهتمامك بصحتك خلال الحمل والولادة والرضاعة الطبيعية لأول سنتين من عمر طفلك، هو أفضل هدية يمكن أن تقدميها له لبقية عمره، حيث أنها أهم فترة تتشكل فيها بصمة الجهاز المناعي لطفلك، وتتأثر بممارساتك الصحيحة في إدخال التغذية التكميلية ومتابعة نموه والحفاظ على صحته الجسدية والنفسية.

د. الزهراء أحمد أحمد الموافي
باحث مساعد بقسم صحة الطفل بمعهد البحوث الطبية والدراسات الإكلينيكية بالمركز القومي للبحوث
أخصائي صحة وتغذية الطفل
وإستشاري دولي للرضاعة الطبيعية (IBCLC)