أبو ضيف مصطفى يكتب.. المشروع والتعثر المالى


التعثر المالى يعنى معاناة المشروع من اضطرابات مالية كبيرة ينتج عنها عدم قدرته على الوفاء بالالتزامات المالية الواجبة السداد وذلك تجاه البنك أو العاملين بالمشروع أو الموردين أو المتعاملين مع المشروع وكذا عدم قدرة المشروع على شراء قطع الغيار للآلات ، واجراء الصيانة الدورية ، مع استمرار تحقيق خسائر مالية متكررة و متتالية تؤثر بشكل سلبى على التدفق النقدى الذى يستخدم فى سداد الالتزامات المالية فى تاريخ الاستحقاق .
وهناك أسباب عديدة للتعثر المالى ، لعل من أهمها القصور فى تحصيل المديونيات الخارجية ، والتراخى فى سداد الالتزامات فى المواعيد المقررة ( بالرغم من توافر السيولة ) ، وتراكم المنتجات نتيجة الانتاج المستمر بدون أوامر تشغيل وبالتالى الاضطرار الى بيع الانتاج بالآجل مع فترات سماح كبيرة ، أو انتاج منتجات بلا جودة ومن ثم عدم القدرة على المنافسة مع المنتجات المماثلة ، وتؤدى هذه الأسباب مجتمعة الى نقص السيولة اللازمة لسداد الالتزامات المالية المطلوبة ، فضلا عن التسلط الادارى الناشئ عن تمتع مدير المشروع بسلطة مطلقة تهمش وتلغى دور باقى المدراء و التنفيذين .
ويؤدى التعثر المالى فى بعض الأحيان الى اضطرار المشروع الى بيع بعض ممتلكاته لتغطية الالتزامات العاجلة واذا استمر التعثر المالى لفترات طويلة فقد يخرج المشروع من النشاط الاقتصادى نهائيا باعلان افلاسه قانونا وتصفيته وبيع ممتلكاته ومن ثم التأثير السلبى المباشر على الاقتصاد القومى وعلى الفئات العاملة فى المنشأة .
وتتفاوت الاختيارات المتاحة المستخدمة فى علاج التعثر المالى حسب حالة كل مشروع ، فهناك حالات يجدى معها اعادة هيكلة الديون آى تحويلها من ديون قصيرة الآجل الى ديون طويلة الآجل ، وهناك حالات يجدى معها زيادة رأس المال لتوفير بعض السيولة ، وهناك حالات يجدى معها تغيير استراتيجيات تحصيل ديون المشروع لدى عملائه ومنح خصم نقدى لتعجيل الدفع ، وهناك حالات يجدى معها التفاوض مع الموردين للشراء بدون مقدم على فترات طويلة ، وهناك حالات يجدى معها التخلص من بعض الأصول الثابتة ، وهناك حالات يجدى معها الاندماج فى كيانات اقتصادية آخرى ، وهناك حالات يجدى معها تغيير الشكل القانونى للمشروع ، وهناك حالات يجدى معها سداد جزء من المديونية واعفاء المشروع من باقى الديون لدى الجهات الدائنة لاسيما البنوك ، وفى هذا الاطار فقد أطلق البنك المركزى فى مارس 2020 مبادرة باعفاء الأفراد الطبيعين غير المنتظمين فى السداد والبالغ أرصدة مديونياتهم غير المنتظمة أقل من مليون جنيه والتنازل عن جميع القضايا المتداولة والمتبادلة لدى المحاكم فور اتفاق العميل مع البنك على شروط السداد وذلك بسداد نسبة 50 % من صافى رصيد المديونية مع الحذف من قوائم الحظر ، وكذا المبادرة الكبيرة التى أطلقها البنك الزراعى المصرى مؤخرا لتدعيم القطاع الزراعى فى مصر وذلك بتسوية مديونيات العملاء المتعثرين حيث بلغت تكلفة تلك المبادرة نحو 650 مليون جنيه ديون تم اسقاطها ، وننوه فى هذا الصدر الى أن ذلك النوع من المبادرات المصرفية الكبيرة لا يقدر عليها الا البنوك الحكومية التى تعمل تحت مظلة كاملة من الرقابة والاشراف من قبل البنك المركزى ( بنك البنوك ) .