أبو السعود محمد يكتب .. الحرب الإسلامية في الصراع الروسي والأوكراني


لقد أصبح الإسلام في يوم وليلة على المحك من جديد بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، واشتد اختلاف زعماء مسلمي البلقان معا حول موقفهم من الحرب ، وراح كل منهم يدعم طرفا مختلفا عن الآخر، بل وراح أفراد من الشعوب المسلمة يختلفون عن قادتهم في دعهمهم القتالي. وكالعادة امتطى كل منهم الدين ليَعبر به إلى مراده ويُعبر به عن موقفه،ليصبح اختلافهم ليس رحمة ،بل عذاب ودمار وشقاق بين أبناء الدين الواحد من أجل أهدافهم ومصالحهم مع من يوالون.
ففي الوقت الذي أعلن فيه رئيس الشيشان رمضان قديروف دعمه للقيصر الروسي وحربه ضد أوكرانيا،راح التتار المسلمون ينشرون صورهم جنبا إلى جنب في صفوف الجيش الأوكراني .
مفتي المسلمين في أوكرانيا هو سعيد إسماعيلوف، الذي ينحدر من سلالة المغول التتار الذين اسلموا ، وهو أحد أهم الشخصيات الإسلامية في أوكرانيا ، نشر صورا له هو يرتدي زيا عسكريا إلى جانب الجنود الأوكرانيين.
ودعا إسماعيلوف في مقطع فيديو، مسلمي العالم للتضامن مع الجانب الأوكراني في مواجهة الجنود الروس.
لم تكن هذه هى المرة الأولى لظهور التتار في المواجهة الروسية الأوكرانية،قد انخرط مسلمو التتار منذ عام 2015 في الصراع بين روسيا وأوكرانيا في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014 للوقوف ضد الاستلاء الروسي على الجزيرة، بل و يقاتل الكثير منهم في صفوف الجيش الأوكراني.
ولم يقف الأمر عند إسماعيلوف بل نشرت وسائل الإعلام الأوكرانية أيضا مقطعا مصورا على نطاق واسع ، حث فيه أيدر روستموف، مفتي إدارة المسلمين المعترف بها من أوكرانيا في جزيرة القرم، المسلمين في البلاد على الدفاع عن وطنهم اوكرانيا ، بل ودعا مسلمين روسيا إلى التنديد بعدوان الجيش الروسي.
وصف قديروف قتاله ضد أوكرانيا بـ "الجهاد"،وكتب عبر تطبيق تلجرام في ٤ مارس "قد صدر الأمر وحان وقت الجهاد"،فحذرت المنظمات الحقوقية مثل هيومن رايتس ووتش من قوات قديروف بما لديها من سجل طويل في الترويع والتعذيب وقتل المعارضين السياسيين حسبما ذكرت .
وبالطبع لم تقف الحرب الإسلامية الإسلامية على على أرض القتال ودعوات التضامن، فسرعان ما انتقت إلى دول العالم الإسلامي،وأثار الحديث الذي أطلقه رمضان قديروف بأن القتال في أوكرانيا إلى جانب موسكو يعد ضربا من "الجهاد"، انتقادات الكثير من المسلمين، وبعض قادة العالم الإسلامي وزعماء الحركات الجهادية في سوريا والعراق.
وخرج كثير من الشيشانيين أنفسهم مخالفين قديروف ليصطفوا كمتطوعين إلى جانب كييف، ولم يقتصر الأمر على الشيشانيين ،بل امتد إلى مجموعات من مسلمين آخريين في البلقان.
و نشر القيادي الشيشاني الذي يعيش في المنفى، آدم عثماييف فيديو مصورا على وسائل التواصل الاجتماعي قال فيه "نؤكد للأوكرانيين أن هؤلاء- يقصد قوات قديروف- ليسوا شيشانيين،بل إنهم خونة ودمى وأتباع لروسيا".
يتولى عثماييف كتيبة جوهر دوداييف التي تنسب إلى أول رئيس شيشاني في التسعينيات، وهي إحدى مجموعتين للمتطوعين الشيشانيين النشطين الذين يجهرون علنا بقتال الانفصاليين في دونباس المدعومين من روسيا منذ عام 2014.بينما الوحدة الشيشانية الثانية هي كتيبة الشيخ منصور،التي تمارس نشاطها جنوب شرق أوكرانيا بقيادة مسلم تشبيرلوفسكي.
ويحيط الغموض العدد الدقيق للمتطوعين الشيشانيين وهويتهم الذين يقاتلون جنبا إلى جنب مع أوكرانيا، لكن التوقعات تشير إلى أن معظمهم من المغادرين للشيشان بعد الحرب الشيشانية 2003 أو الذين اضطروا للهروب من البلاد بسبب الاضطهاد السياسي.
يكشف الأمر بكل وضوح الوضع الخطير لضياع الهوية الإسلامية في البلقان وتشتت المسلمين وموالاتهم الدائمة لمصلحة من يولونهم أمرهم، لكن الأخطر هو استخدام الدين في صراعهم السياسي.
وقد أفادت تقارير إعلامية أن هناك كثير من المسلمين الروس في الجيش الروسي،حيث يخدم المسلمون في الجيش الروسي منذ الحقبة القيصرية.
ولعل من بين القتلى الأوائل الذين أعلنت القوات الروسية عن سقوطهم، كان الضابط نور ماغوميد (نور محمد) غادجيماغوميدوف، وهو الضابط الذي قلده بوتين وسام بطل روسيا.
كما تشير إحصائيات نشرتها وسائل إعلام إذاعية إلى أن نحو ثلث قتلى الطرف الروسي أكثرهم بأسماء مسلمة.
لكن الأخطر على الإطلاق ما يتخوف منه البعض أن ينفلت زمام الأمر وسط الدعوات الدينية المتكررة من الأطراف المسلمة لاستمالة المسلمين في الجيش الروسي أو الأوكراني لهم على اعتبار أن كل منهم يحارب باسم الإسلام، أن يتحول الصراع إلى صراع ديني بين المسلمين والمسيحيين بدلا من الصراع السياسي ،ومن ثم تشتعل الحرب الدينية في كل العالم .