الدكتور علي محروس يكتب..التغير المُناخي أسبابه وأثاره علي الثروة الحيوانية
الحدث نيوز الحدث
يعرف التغير المُناخى علي أنه التغيرات المستمرة التى قد تطرأ فى درجات الحرارة وما يترتب عليها من تذبذبات حادة فى خصائص الطقس على الأمد القصير والمناخ عامة فى الأمد البعيد.
و قد تكون أسباب حدوث التغيرالمناخى طبيعية مثل الدورات الشمسية وازدياد نشاط الكوكب من البراكين وانبعاثات غازات الكربون .
ومنها ما هو نتيجة النشاط البشري المتزايد من استخدام الإنسان للوقود الأحفورى (النفط والغاز والفحم) وما ينتج عنهم من غازات أكاسيد الكربون (CO2) والأوزون (O3) وغازأكسيد النيتروز (N2O) وغازات الفلورينات (HFCs, PFCs, SF6) وغاز الميثان (CH4) الذي ينتج من النشاط الزراعي المكثف وهى غازات دفيئة تزيد من درجة حرارة الكوكب وتؤدي لما يعرف بالصوبة الزجاجية(Green House Gas, GHG).
كما أدت إزالة مساحات شاسعة من الغابات والأشجار الى انخفاض استيعاب الكوكب من الكميات الهائلة من أكاسيد الكربون عن طريق هذه الغابات والتى تعتبرالمستهلك الرئيسى لتلك الأكاسيد وهى بمثابة الرئة لكوكب الأرض.
وتشمل التغيرات المناخية علي سبيل المثال لا الحصر،اختلاف فى توزيعات الأمطار التى عهدناها خلال مئات السنين فتظهر مناطق شديدة الجفاف ومناطق آخرى تنتشر فيها حرائق الغابات كالتى حدثت فى المغرب والجزائر وبناء علي تقديرات الإتحاد الأوروبي فإن سنة 2022 تعدّ الأخطر فى حرائق الغابات منذ عشرات السنين كالتى حدثت فى غابات فرنسا و أسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية كما سجل هطول الأمطار أدني مستوياته فى غرب أوروبا وفقآ لمراكز مراقبة التغير المناخى.
كما ازداد معدل ذوبان الجليد القطبي وهو ما تسبب فى ارتفاع مستويات سطح البحر وحدوث فيضانات فى مناطق مختلفة من العالم بالإضافة الى ارتفاع وتيرة حدوث العواصف العنيفة سواء فى عدد تكرارها وشدتها او التبكير فى وقت حدوثها عن المعتاد وما يصاحب ذلك من تدهور للتنوع البيولوجي للكوكب.
ويمثل هذا التغير فى المناخ تهديدآ حقيقيآ للثروة الحيوانية والإنتاج الحيواني على وجه الخصوص وذلك بسبب تأثيره المباشر على العديد من مدخلات عملية الإنتاج ومنها التأثيرعلى كمية المحاصيل سواء المستخدمة فى تغذية الحيوان مباشرة (المحاصيل العلفية) أوالتى تستخدم نواتجها او مخلفاتها فى تغذية الحيوان بطريقة غير مباشرة .
وجدير بالذكر أن تناقص كميات المحاصيل العلفية (الغلة العلفية) والمراعي الطبيعية والحشائش نتيجة للجفاف وموجات الحر المتعاقبة فى بعض البلدان أدى ذلك بالتبعية الى التأثير المباشر علي الثروة الحيوانية .
واذا علمنا أن قطاع الثروة الحيوانية يساهم بنسبة 14.5٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية بما يسبب ظاهرة (GHG) ومنها علي سبيل المثال غاز الميثان فمن الضرورى وضع خطط للتنمية المستدامة للإنتاج الحيوانى وذلك للتخفيف من هذه المساهمة .
ومن الثابت علميآ أن ارتفاع درجات الحرارة سواء على الماشية والأغنام أوالإنتاج الداجنى يؤثر تأثير مباشرعلى شهيتها وبالتالي معدل نموها وانتاجيتها من اللحوم والألبان والبيض و تكاثرها ومعدل اصابتها بالأمراض ومناعتها .
وقد تنبأت التقديرات العالمية بتضاعف الطلب العالمى على منتجات الثروة الحيوانية بحلول عام 2050 فإن هذا سيشكل تحديآ كبيرا اذا استمر هذا الإرتفاع فى درجات الحرارة بنفس الوتيرة مما سيكون له بالغ الأثر على تجارة المنتجات الحيوانية العالمية وبالتبعية الإقتصاد العالمى .
إن ارتفاع درجات الحرارة درجة واحدة يقابلها انخفاض كميات انتاج الألبان واللحوم والبيض المنتجة ويتوقف معدل هذا الإنخفاض فى الإنتاج علي عدة عوامل منها السلالات والأنواع وقدرتها علي تحمل الإرتفاع فى درجات الحرارة ومدي العناية المقدمة لتلك الحيوانات.
ولكن هناك نظرة تفاؤل إذا ما تم الأخذ بالتدابير التى تؤمن خفض الارتفاع المستمر فى درجات الحرارة والإتجاه إلى استراتيجية الإنتاج الحيوانى المستدام.
*مدرس الموارد الحيوانية بكلية الدراسات الإفريقية - جامعة القاهرة